الجمعة، 4 فبراير 2011

ايام الصحوة - ١ - الثلاثاء

مش عارف ابدأ كلامى ازاى .. بس ممكن احكى عن اليوم ...


مبدئيا انا كنت صريح مع نفسى و مع الناس و قلت اننى هنزل عشان اشوف الموقف .. و اشوف كدا ان كان فى امل ولا الوضع هيكون ايه .. لكن مكنتش ناوى انى اشترك جامد ولا اشتبك مع الشرطة و الامن المركزى .. المهم ححكيلكم عن اليوم و هقول رأيي و انطباعاتى فى النص..


نزلت الساعة ١ .. و اخدت المترو الساعة ١:٤٠ .. الناس عايشين حياتهم عادى جدا .. و صلت التحرير على الساعة ٢:١٥ ... لقيت كل مخارج المترو مقفولة ما عدا المخرج اللى قدام كنتاكى .. و انا طالع لقيت بنت بتتكلم فى التليفون بتقول اصل فى مظاهرات قافلة الدنيا " بس نبرة صوتها انها مش فاهمة يعنى ايه مظاهرات اصلا ".. طلعت لقيت منظر عمرى ما شفته .. ميدان التحرير مفيهوش ولا عربية ولا بنى آدم ماشى فى نص الميدان ...

عساكر امن مركزى و ضباط بالهبل ... قافلين كل الشوارع .. و الناس و انا معاهم ماشيين حوالين الكردون دا ..


انا و بعض الناس للضابط: هو مينفعش نِعَدى من هنا ؟

الضابط: انتوا عايزين تروحو فين؟


انا: ميدان عبد المنعم رياض عشان اركب الاتوبيس (طبعا دا اي كلام بقولهوله)

الضابط: الميدان مقفول اصلا ! هه !


المهم مشيت شوية قابلت ضابط تانى صغير ..

انا: انا عايز اروح كوبرى قصر النيل..

هو: مقفول


انا: يعنى اروح

هو"مبتسما" : غالبا ..


كل دا كنت بس بحاول افهم منهم ايه الشوارع المفتوحة و ايه المقفولة ..


المهم مشيت شوية لحد الكوبرى .. و منه الى ميدان عبد المنعم رياض .. و كنت عايز اوصل للمتحف عشان سمعت ان المتظاهرين عند المتحف المصرى ..


فجأة و انا ماشى ، لقيت ناس كتير جايين من ناحية شارع رمسيس و بِيِجروا فى اتجاه التحرير.. انضميت معاهم و مكنتش بهتف تماما.. بس ماشى و براقب الوضع ..

للأسف فى اللحظة دى جالى خيبة أمل لما لقيت ان فى ناس طالعيين رحلة مش مظاهرة .. اللى بيضحك .. و اللى عملة "full makeup" و لابسة " boots" و ماشية .. انا مش عارف انتى كنتى خارجة و بعدين قررتى تشتركى ، ولا نازلة من بيتكوا كدة عشان المظاهرة !


المهم كان فى ناشس متحمسة ، و ناس لأ .


و جت اول لحظة حرجة .. لحظة اصدام المتظاهرين باول حاجز امنى مكون من عساكر الامن المركزى ..

بما اننى اول مرة ابقى فى مظاهرة ، بصراحة كنت قلقان شوية و حريص ، المهم اننى خدت القرار بالدخول وسط الزحمة مع الناس اللى بتجرى بسرعة فى اتجاه العساكر عشان نعدى ... اتزنقنا و بقيت بزق و بتزق و حد اتكعبل قدامى .. انما عدينا ...

الناس قعدت تقول الله اكبر ..


كدا بقينا فى وسط ميدان التحرير..


نيجى بقى لخيبة الامل التانية .. العشوائية الرهيبة .. مفيش خطة ولا قائد للمسيرة دى .. فبالتالى واحد يقول يالا على مجلس الشعب .. و التانى يقول لا يالا نعتصم هنا .. كله يقعد ..

اللى حصل ان الناس قرروا يروحوا على مجلس الشعب ..


هنا اللحظة الحرجة التانية .. صف امن مركزى تانى .. بس عندهم اوامر انهم يضربوا او بمعنى اصح " يلوشوا " ... نفس القصة جرينا عليهم و دخلت مع الزحمة و الحمد لله انى منت موطى راسى شوية و حاطط ايدى على دماغى .. لانى برفع عينى عشان اشوف الموقف لقيت عسكرى بيضرب و سمعت صوت العصاية من كتر سرعتها بتعدى من فوق دماغى بالظبط .. جريت عشان اتأكد ان مفيش حد ورايا .. و حمدت ربنا اننى سليم .. الناس اتجمعت تانى ، و ساعتها بدأت اهتف جامد جدا .. كنت متغاظ اننى كنت حالا دلوقتى هتضرب ..


وصلنا قدام شارع مجلس الشعب .. و العشوائية ابتدت تانى ... نقعد ، لا نمشى و نكمل .. لا نرجع الميدان !


دا غير طبعا الناس اللى عايزه تتطلع فى التلفزيون فا يروحو للكاميرات و يهللوا و يقولوا اى كلام ! ..


المهم فى اللحظة دى كان بدأ صبر الشرطة ينفد ... عربية مصفحة ، طالع منها راجل ، قنبلة مسيلة للدموع اتضربت فى بلكونة عمارة مش فاهم ازاى .. و بعدين رشاشات الميه .. و ابتدت عربيات الشرطة تجرى علينا بسرعة جدا .. و بالتالى الناس بدأت تجرى .. لو حد وقع ممكن ينداس عليه و يتدهس بالرجلين ..

المشهد و الناس بتجرى حسسنى ان انا فى الحرب .. او فى فلسطين ..


نجحت الشرطة ساعتها انها تفرقنا عشان كل مجموعة دخلت شارع جانبى ..


فضلت واقف شوية و بعدين قررت ارجع التحرير .. الشارع كان فاضى تماما .. و وانا ماشى حصل موقف مكنتش متوقعه ..


عسكرى او حاجة اعلى شوية كان كاشى جمبى ، و فى مواطن مستخبى و بيشتم فى الشرطة ..


العسكرى: جبان !

انا: انت بتشتم مين


العسكرى: الراجل اللى مستخبى، المفروض يخرج و يقف مع الناس و يهتف..

انا: ما هو انتو مش سايبين حد يقف فى المظاهرة و بتفرقونا..


العسكرى: دا انتو كان فاضلكوا لحظات و تسيطروا على الموقف من الشرطة !!!

انا: ازاى ؟ انت بتتكلم جد ؟!


العسكرى: ايوة بس للأسف الشباب اللى كان حينضم ليكو نصهم بس هم اللى عدوا .. و الباقيين ما عرفوش، انا والله نفسى اقف معاكو بس تقول ايه بقى ... انا كنت بعمل نفسى بمنع الناس لكن انا كنت بعديهم ...


فى اللحظة دى كنا وصلنا لحتة قريبة من ميدان التحرير ، هو وقف مع احد الضباط ، وانا كملت مشى و مكنتش عارف اشكره ولا الومه ، اشكره على كلامه الرائع الخالانى متحمس و مذهول من فكرة اننا فعلا كنا قربنا نسيطر على الموقف ، ولا الومه انه لسه محبوس فى البدلة السودا بتاعته و مش عارف يقطعها و يقف معانا...


المهم فجأة سمعت صوت القنابل و " السرينة " بتاعت الشرطة مرة تانية بشكل اقوى بكتير ... قربت شوية عشان اشوف من قريب ، فجأة لقيت منظر غريب جدا .. لقيت العساكر بيجروا كلهم ناحيتى ، مش بيجروا يقبضوا عليا ، دول بيجروا خايفين من حاجة .. المهم جريت معاهم عشان لو وقفت كانوا هيدوسوا عليا .. اللى فهمتوا ان العساكر كانوا خايفين من الطوب .. عشان دول كانوا وحدة او فرقة معهاش خوذة ولا درع ولا اى حاجة ، ف الطوب كان نازل على دماغهم ..


المهم لفيت من عند عمر مكرم و وصلت للميدان ، و لقيت حرب .. بس كنت بعيد شوية .. طوب و قنابل ، خراطيم مياه .. و شوية تلاقى الناس بتجرى و العساكر بيجروا منهم .. و شوية تلاقى العساكر بيجروا على الناس ..


فى الفترة دى كان حصل تشويش على التلفونات و مكنش حد عارف يوصلنا ..


قابلت صديقى " اينش " .. و ورانى قنبلة مسيلة للدموع بعد ما كانت فضيت .. و قاللى ان فى عسكرى امن رفض انه يضرب و شال واحد من المتظاهرين و قاله اهتف .. و فى واحد من المتظاهرين طلع على عربية المطافى و قدر يوقع من عليها الراجل اللى كان فاتح خرطوم المياه على الناس ..


المهم شوية الموضوع بدأ يهدا شوية ... و بعدين حصل موقف جديد ..

عسكرى امن إتأخر شوية عن الفرقة بتاعتوا ، الناس اتلموا عليه و ضربوه لدرجة انه كان هيموت فى ايديهم .. ناس تانيين جم و خلصوا من ايد اللى بيضربوه و لفوا حوليه لحد ما وصلوه للوحدة بتاعته .. و بعدين الناس لفت حولين الوحدة دى و حاصروها .. و قعدوا يرجعوهم لمكان تمركزهم الاصلى .. و قالولهم مش حنعملكوا حاجة بس تسيبونا فى حالنا .. و قعدوا يقولولهم " برا .. براا ... براا " ..


المهم الوضع بقى هادى .. و بقت الناس متقسمة مجموعات ، مجموعة قاعدة على الارض و بيقولوا هيعتصموا .. و مجموعة بتهتف .. وهكذا ..

كانت الساعة وصلت ٥:١٥ او ٥:٣٠ .. ف اخدت قرار ، اكتشفت انه كان قرار خاطىء .. القرار كان ان انا امشى .. يمكن ساعتها حسيت ان الموضوع هيكون عشوائى و مش هيحقق حاجة .. فا اخدت القرار دا ..


لما روحت بقى و بدأت اسمع الاخبار .. ان المظاهرات موجودة فى المحافظات كلها بقوة ...

و بعدين ندمت اكتر لما كلمت صديقى عبد الله سليمان و قاللى ان ميدان التحرير باليل مكنش فى مكان تحط فيه رجليك .. و كان فى ناس بدأت تتعاون و تلم الزبالة و يجيبوا اكل و يوزعوا مياه ..


بعد ما يوم التلات ٢٥ يناير خلص .. الناس صحيت تانى يوم يسألوا .. ايه اخبارالمظاهرات .. و كانت بتيجى الاخبار كل شوية ان المظاهرات شغالة فى المحافظات بقوة .. ان فى القاهرة الموضوع اهدا شوية .. المهم بدأت تيجى اخبار عن قطع facebook, twitter, youTube ..

انا يومها كنت فى مدينة نصر و كانوا بيقولوا ان فى مظاهرة عند ميدان الساعة .. رحت انا و احد اصدقائى .. ما لقناش غير الامن المركزى .. ساعتها بصراحة كان عندى احساسين متضاربين ..مش عارف ازاى جالى احساس انه كويس ان الدنيا تهدى ،، و آديهم عرفوا ان الناس ممكن تتحرك ، و فى نفس الوقت احساسى بانه لازم نكمل و الموضوع مايهداش الا لما نحقق اللى احنا عايزينه من زمان ..

يوم الخميس كان نفس الموضوع .. الدنيا فى القاهرة كانت هادية .. لكن الحمدلله كان راح من عندى الاحساس اللى بيقول انه كفاية كدا و انه لازم الموقف يهدا .. كنت متحمس جدا ليوم الجمعة .. و كنت متوقع اعداد رهيبة عشان الناس هتبقى فى الشارع عشان الصلاة ... كلمت اتنين من صحابى و قولتلهم " اعتقد ان بكرة هو اليوم المنتظر " .. اتفقنا اننا حنصلى فى جامع مصطفى محمود فى المهندسين .. و بعدين ننطلق ..

كلمتنى احدى زميلاتى من الجامعة و سألتنى ايه كان موقف الامن يوم الثلاثاء .. و هل انصحها انها تنزل ولا لا .. شرحتلها المخاطر و قولتلها فكرى ..


التكملة فى الجزء الثانى ...






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق